غزة لوحدها والرهان خسر

بقلم/ د. جهاد أبولحية
مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة واستمرار القصف الإسرائيلي على كل جزء من القطاع بواسطة الطائرات الإسرائيلية والتوغل البري على حدود القطاع من كافة الجهات فلقد كان هناك الكثيرون من المحللين السياسيين والأشخاص العاديين كان يراهنوا على جبهة لبنان وتحديدا على حزب الله وذلك من أجل ان تكون الجبهة المشتعلة والتي قد تغير من ملامح ما يجري في القطاع منذ السابع من اكتوبر ولتخفف من حدة هذه المجازر الإسرائيلية ،ولكن خاب ظنهم حينما سمعوا إلى كلمة السيد حسن نصر الله بالأمس والتي كانت تشبه خطبة جمعة طويلة المدة حيث تجاوزت الساعة والنصف لم نسمع بها إلا تحليل سياسي قد تردد منذ اللحظة الأولى عبر كافة القنوات الناقلة للأخبار والمتابعة للأحداث في غزة .
لقد رفع السيد حسن نصر الله سقف التوقعات لدى هؤلاء الناس وذلك من خلال بث الحزب لمقاطع ترويجية سبقت الكلمة التي ألقاها وكأن الرجل سوف يعلن في كلمته حالة الحرب على إسرائيل من الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة ولكن هذه المشاهد الترويجية لقد أتضح أنها مشاهد دعائية ليحصد الرجل على نسبة مشاهدات مرتفعة لخطابه وأيضاً تحقيق مكاسب عدة لمصلحة حزبه .
لقد خذل حسن نصر الله أو لنقل أنه قد خيب ظن كل الذين تأملوا وتوقعوا من خطابه ان يكون خطاب إعلان التصعيد من طرفه ،ولكنه باعتقادي قد حقق ما أراده من خطابه وذلك لحساب حزبه حيث أكد وكرر مرراً أنه لم يكن على علم بطوفان الأقصى وهذه الرسالة مرسلة بعلم الوصول إلى الامريكان وبالتالي رفع أصابع الاتهام عن حزبه وثانياً حقق مناورة سياسية تحديدا مع فرنسا التي لم ينتقد تصرفات رئيسها وتصريحاته وذلك عكس ما فعل مع بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي هو غازل الفرنسيين من خلال عدم مهاجمتهم وهذا من المؤكد سوف يكون له ثمن سوف تكشفه الأيام القادمة وثالثاً لم يغامر نصر الله بمكانة حزبه القوية التي وصل إليها في لبنان حيث هو الحاكم الفعلي للبنان ولا يحدث إلا ما يقرره هو وبالتالي من خلال عدم انخراطه في المعركة قد عزز هذه المكانة وأيضاً كسب العديد من الأحزاب الأخرى والشخصيات في لبنات التي كانت معارضة لسياسته .
إذن نتحدث أن السيد حسن نصر الله من خلال موقفه بعدم الانجرار للمشاركة في الحرب فإنه قد حقق مكاسب عدة حتى اللحظة وهو لم يدخل المعركة بعد، هذه المكاسب أراها والكثيرون من الساسة والمحللين والمتابعين تأتي على حساب الشعب الفلسطيني الذي يقدم كل لحظة العديد من الشهداء في هذه الحرب الضارية التي وصل عدد شهدائها حتى تاريخ كتابة هذا المقال الى ما يتجاوز ١٠ آلاف شهيد و٢٥٠٠ مفقود واكثر من ٣٧ الف مصاب .