
قالت شركة “ستاندرد آند بورز جلوبال” للتصنيف الائتماني إن التصنيفات الائتمانية لدول حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوروبا قد تتأثر سلبًا إذا قررت تلك الدول زيادة إنفاقها الدفاعي استجابةً لمطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ورغم أن هذا التوجه قد يدفع المنطقة إلى إصدار ديون مشتركة، إلا أنه قد يشكل ضغطًا ماليًا على الدول الأعضاء.
الفجوة بين إنفاق أوروبا والولايات المتحدة
وعلى الرغم من أن الدول الأوروبية ضاعفت تقريبًا إنفاقها الدفاعي منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، فإن إنفاقها لا يزال أقل من النسبة الموصى بها من الناتو والبالغة 2% من الناتج المحلي الإجمالي.
في المقابل، تتحمل الولايات المتحدة ما يقرب من ثلثي الميزانية العسكرية للحلف.
وبالمقارنة مع الولايات المتحدة، فإن إنفاق أوروبا الدفاعي يمثل فقط 60% من مستوى الإنفاق الأمريكي، إذ تنفق الدول الأوروبية 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي في حين تبلغ النسبة الأمريكية 3.3%.
وأكد نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس هذه الفجوة مجددًا عند وصوله إلى مؤتمر ميونيخ الأمني، حيث من المقرر أن يلتقي بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وفقًا لما ذكره موقع (CNBC).
ثلاثة سيناريوهات محتملة
ترى ستاندرد آند بورز أن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة إذا قررت أوروبا زيادة إنفاقها الدفاعي:
- السيناريو الأول: زيادة الدول الأوروبية إنفاقها إلى متوسط الناتج المحلي الإجمالي الحالي للناتو البالغ 2.67%.
- السيناريو الثاني: زيادة إنفاق الاتحاد الأوروبي ككل بمقدار 242 مليار دولار سنويًا.
- السيناريو الثالث: رفع الإنفاق إلى 875 مليار دولار سنويًا، وهو ما قد يشكل خطرًا على التصنيفات الائتمانية للدول الأوروبية.
- وحذرت الشركة من أن السيناريو الأخير قد يكون الأكثر خطورة على التصنيف الائتماني، إذ سيتجاوز ما يمكن للدول تمويله دون تعويضه عبر تخفيضات أخرى في الإنفاق أو الضغط على جدارتها الائتمانية.
تأثير زيادة الإنفاق الدفاعي على العجز المالي
قد يؤدي الالتزام بمطلب ترامب بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي إلى تضخم العجز المالي في عدة دول رئيسية، أبرزها:
- ألمانيا: ارتفاع العجز من 1.7% إلى 4.6%.
- فرنسا: زيادة العجز من 6% إلى 8.9%.
رومانيا: قد يرتفع العجز إلى 9.5%، مما يعرضها لخطر خفض تصنيفها إلى “سندات غير مرغوب فيها”.
بريطانيا (خارج الاتحاد الأوروبي): قد يتفاقم العجز من 4.3% إلى 7%.
وهذا يعني أن معظم الدول الأوروبية ستجد نفسها مضطرة إلى إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام، في وقت تعاني فيه أغلبها من تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع تكاليف الرعاية الاجتماعية بسبب الشيخوخة السكانية.
خيارات التمويل المشترك وحلول محتملة
حذرت ستاندرد آند بورز من أن العواقب السياسية لخفض الإنفاق الاجتماعي لتعويض الزيادة في الإنفاق الدفاعي قد تكون كبيرة.
وأشارت إلى أن الحل قد يكون في التعاون الجماعي عبر إصدار ديون مشتركة، وهي فكرة عارضتها ألمانيا ودول رئيسية أخرى لسنوات.
لكن نظراً للتغيرات السياسية ورسائل متباينة من واشنطن، قد تعيد أوروبا التفكير في هذا الخيار.
ومن المحتمل أن تشمل خطط التمويل المشترك دولاً غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل بريطانيا التي انسحبت رسميًا من الاتحاد عام 2020، والنرويج، ما قد يفتح الباب أمام تعاون أوسع في المجال الدفاعي الأوروبي.